ماذا يريد الله أن يقول لأبنائه المتألّمين؟

حياة يسوع كلّها هي إعلان لقدرة الله على الألم والمرض حياة يسوع كلّها هي إعلان لقدرة الله على الألم والمرض | مصدر الصورة: Richard Kincaid/Pinterest

في رواية يوحنّا الإنجيليّ عن إنسان وُلد أعمى، حينما سأل الجَمع يسوع: «رابِّي، مَن خَطِئَ، أَهٰذا أَم والِداه، حَتَّى وُلِدَ أَعْمى؟»، كان ردّ الربّ مختلفًا عن المتوقّع، فلم يحدّد إن كانت خطيئته السبب أم خطيئة والدَيه، بل قال: «ولٰكِن كانَ ذٰلك لِتَظهَرَ فيه أَعمالُ الله» (يو 9: 1-3).

أراد يسوع توجيه الأنظار إلى أنّ معرفة السبب أو المُسَبِّب ليست مهمّة، فالأهمّ هو مواجهة الخَلَل وتصحيحه فورًا وجذريًّا، وفق ما بيَّنَ الأب أمير ججّي الدومنيكيّ عَبر «آسي مينا». وفسّر أنّ «حياة الإنسان، في نظر الله، أثمن من أيّ شيء. لذا، يفتح يسوع عَينَيّ الأعمى غافِرًا له وفاتحًا قلبه على نور الإيمان، قبل أن يُجيب عن السؤال».

الأب أمير ججّي الدومينيكيّ. مصدر الصورة: أكاديميّة بغداد للعلوم الإنسانيّة
الأب أمير ججّي الدومينيكيّ. مصدر الصورة: أكاديميّة بغداد للعلوم الإنسانيّة

وتابع: «سلّط لوقا الإنجيليّ الضوء على موقف آخَر ليسوع تجاه الألم، عندما أخبره قَوْمٌ "عَن الجَليليّينَ الذين خَلَطَ بيلاَطسُ دَمَهُم بذَبائحهم"، ليُعلن يسوع أنّهم ليسوا «خُطَاةً أكثرَ مِن كُلِّ الجَليليّينَ لأنَّهُمْ كَابَدُوا مِثْلَ هذَا»، ويُصرِّح بأنّهم ماتوا بسبب قسوة الإنسان وعنفه وشرّه تجاه أخيه الإنسان.

الأب الحنون

وأشار إلى أنّ حياة يسوع كلّها هي إعلان لقدرة الله على الألم والمرض، على الخطيئة والموت، على كلّ ما يُكبّل الإنسان جسديًّا ومعنويًّا وروحيًّا، على كلّ ما يُهمِّش الإنسان عن مجتمعه، سواء أكان بسبب مرضه (العمى والبرص) أو خطيئته (زكّا والمرأة الزانية). وأردف: «تعليم يسوع يُغيِّر نظرتنا إلى الله جذريًّا، ليُفهمنا أنّ الله هو هذا الأب الحنون الذي يتألّم لألم أبنائه».

معجزة شفاء الأعمى. مصدر الصورة: David Sunfellow/Pinterest
معجزة شفاء الأعمى. مصدر الصورة: David Sunfellow/Pinterest

لا يُعطينا يسوع نظريّةً شاملة عن الألم وأسبابه، لأنّ غايته هي تحرير الإنسان من القيود المؤلمة. لذا، فموقف يسوع هو الحضور بجانب الإنسان المتألِّم ومساعدته على النهوض والشفاء، لأنّ الألم يحطِّم الإنسان ويُشوِّهه، بحسب ججّي.

«لِتَظهَر أعمالُ الله فيهِ»

ولفت إلى أنّ يسوع يريد أن يقول لنا، من خلال حياته وموته، إنّ الألم والموت لا يملكان الكلمة الأخيرة على الإنسان. وهذا معنى ردّه على المتسائلين عن الأعمى منذ ولادته. وقبل أن يجيبهم: «لِتَظْهَرَ أَعْمَالُ اللهِ فِيهِ»، كان يسوع قد قدّم حياته مثالًا حيًّا تظهر فيه أعمال الله، ومن خلال كلامه وأفعاله، أظهر أنّ الله قريبٌ من الإنسان، وبخاصّةٍ الإنسان المتألّم والمظلوم والخاطئ.

وختم ججّي: «بحسب يسوع، ليس الله مصدر الألم أو العنف، بل إنّ شرَّ الإنسان وخياراته الخاطئة هي التي أوصلته إلى تلك النتيجة. وعليه، فإنّ مواجهة الألم تتطلَّب من كلّ إنسان تحمّل مسؤوليّاته، وأولاها مسؤوليّته عن قلبه، عن أعماله ومواقفه تجاه الآخرين. وأيّ إنسانٍ يريد أن يواجه الألم والشرّ في العالم، فليبدأ بترتيب قلبه، أي بتوبته الداخليّة».

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته